السلام عليكم ورحمة الله
لا يزال المرء يتقلب بين مرارات العدوان الخسيس لأعداء الله، والخذلان الخبيث من زنادقة المنسوبين لهذه الأمة جراء تلك الوقائع المقبحة من أعداء الله الذين تطاولت أيديهم - قطعها الله - لتتناول كتاب الله عز وجل بالامتهان، وحيث إني على ثقة في أن الغيورين من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام قد أشبعوا القوم دعاءً بالهلاك والثبور، فإني سأحول الحديث وجهةً أخرى هي أحرى بالنظر والتأمل والله أعلم، إذ أن مثل هذا العدوان الآثم مع ما رافقه وتبعه من صمت خسيس وخذلان بـئِس من منسوبي هذه الأمة ليدعو المرء إلى التساؤل عن سر هذه الصفاقة الإبليسية من عبدة الصليب وزنادقة العصر، وبقليل من التأمل وإرجاع البصر يعود البصر خاسئاً وهو حسير، فالجواب هو في هذا القرآن الذي خذلناه ؛ : "قل هو من عند أنفسكم" (آل عمران 165)، فلننظر في أنفسنا إذاً لنعلم كيف تجرأ صعاليك الأمريكان على امتهان القرآن، وكيف استخدم عبدة الصلبان منهم زنادقة القوم فينا لاستكمال هذه الجريمة الخبيثة على مرأى من الأمة ومسمع، فلنتدبر:
فلنعلم أولاً أن شأن الأمريكان الصليبيين أحقر من أن يُنظر فيه من جهة استحقاق العلو في الأرض والظهور على الخلق والتسلط عليهم، إنه أحقر من ذلك بكثير، فلقد رأينا القوم وشاهدناهم فإذا بهم لا يكادون يفقهون حديثاً حياتهم عديمة الغاية، أمثلُهم كالحمار عقله أهله وأرسلوه، فما درى فيم عقلوه و فيم أرسلوه، سألناهم عن حياتهم لم يعيشونها فرفعوا أكتافهم ولووا أعناقهم بلا جواب، بل كلامهم هراء، وأنفاسهم نتنة جراء أم الخبائث التي يتجرعونها ليل نهار، وأجسادهم نتنة جراء معاقرة الفواحش، غاية فهم أحدهم من صحة البدن التطهر من آفات الإيدز والسفلس وغيرها من أمراض القذر الجنسي الذي يتمرغون في وحله ليل نهار، خمرٌ وزنا، لواطٌ وخنا، وهم غاية ما يكون من الانحطاط والبهيمية حين تسأل عن أنسابهم فلا يكاد أحدهم يعرف لنفسه أماً ولا أباً، الشريف فيهم من ينكح أخته ليطأها من حيث لا يدري، والخسيس فيهم لا يبالي امرأة نكح أم رجلاً، إنساناً كان أم بهيمة، لا يبالي، ولأن القرآن قد فضحهم فقال في أمثالهم: " والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم"(محمد 12) فقد عادوه وبادروه بالحرب خابوا وخسروا، ولأنهم أحقر من أن يكون لهم شأن فقد ابتلوا بشر بلية على وجه الأرض معاداة الله وكلامه تقدست أسماؤه وتنزه كلامه وصفاته عن أذى الخلق أجمعين...
ثم لنعلم أن قوماً شأنهم من الحقارة ما تقدم ما كان ليجرؤ أحدهم على التطاول على كتاب الله إلا وقد علم من منسوبي هذه الأمة الخذلان والصمت والإذعان، لقد رأوا خذلان الأمة للمستضعفين المأسورين في سجون البغي والطغيان، وكيف أن قيادات الأمة سجعوا على أنغام جوانتاناموا فناموا، ألا تباً لها من نومة وتباً لها من راحة وقيلولة وإخواننا في الأسر المقيت ونحن بين الأفخاذ والنهود نتقلب بين مسابقات اللحم الرخيص ومساومات بيع الأراضي والتهافت على إرضاء أتباع إبليس، أمة قد أوهنها التهافت على أحضان الغانيات والقيان، قد شغلتها القيثارة والمعازف عن سماع القرآن فضلاً عن حفظه وتدبره والعمل بمحكمه وإقامة حدوده وسل السيوف إرعاباً لمن تسول له نفسه التطاول عليه، أمة قد انشغل علماؤها بتفصيل آيات القرآن على مقاس كراسي الحكام المعادين لله الموالين لأعدائه المحاربين لأوليائه، أمةٌ قد خذلت خيرة أبنائها لما خرجوا ليقفوا في وجه تتار العصر من وحوش الأمريكان وهمجهم ، وليت الخذلان وقف عند حد كلاب الحراسة لهان الأمر، ولكن الخذلان استطال لينال بعلماء العصر ممن اتخذوا من تلبيس علوم الشريعة منهجاً ليعملوا على تخذيل الأمة عن الجهاد والمجاهدين وليسلكوا الأمة في سلك التدجين والتصفيق لأئمة الزور والبهتان، فكيف لا يتقدم بعد هذا كله سِكِّيرٌ خِمِّيرٌ صليبيٌ حقيرٌ ليمتهن القرآن وقد رأى أهله امتهنوه، كيف...
ثم لنعلم أن من آثار السيئة اتباعها بالسيئة، وإن امتهان القرآن الكريم على يد هؤلاء المجرمين ليس إلا أثراً لامتهاننا نحن للقرآن الكريم حين هجرنا تلاوته وهجرنا تدبره وهجرنا الاستشفاء به ولجأنا إلى الشرق والغرب نطلب شفاء أسقامنا، وهجرنا إقامة حدوده ولجأنا إلى دستور عصابة الأمم المتحدة وأوثان العلمانية النجسة، وهجرنا إقامة السيف والجهاد صيانةً لجنابه من أن يتجرأ عليه خسيسٌ أو حقير، وهجرنا إرهاب فئران الكفر بحيث لا تجد لها مأمناً إلا في أمان رجل مسلمٌ يعطيهم الأمان ليسمعوا القرآن وتقوم عليهم الحجة كما قال تعالى: { وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجِره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} [ التوبة 6 ] ، أما وقد صار كلاب الحراسة لدينا يرهبون المؤمن ويُعزون الكافر فكيف تقام في الأرض حجة، وكيف يكون للقرآن على الناس سلطان، كيف...
ثم ليُعلم أخيراً أن هذا الحدث الجلل نذير شؤم لهذه الأمة إن لم تفق من غفوتها وتقم من كبوتها، فلقد قال الله تعالى : { قل للمخلَفين من الأعراب ستُدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً} [ الفتح 16] ، ولئن كانت جبهة المعركة اليوم هي القرآن فلنعلم أن بداية النصر وتحول ريح المعركة هي في إجلالنا لهذا القرآن العظيم كلام رب العالمين وإقامته في قلوبنا وإفناء أجسادنا في خدمته وحراسته وصيانته وفي هجر كل لغةٍ غير لغته، وهجر كل عقيدة غير عقيدته، وهجر كل حكمٍ غير حكمهٍ، وهجر كل حاكم غير حاكمٍ به، وهجر كل حدٍ غير حدوده، وهجر كل دواء غير دوائه، وهجر كل سماعٍ غير سماعه، وهجر كل أهل غير أهله، وهجر كل أمرٍ غير أمره، وهجر كل مخذلٍ عنه ، وهجر كل مبتغٍ للفتنة بمتشابهه، وهجر كل جاحدٍ بمحكمه، فلنعلنها إذاً قويةً مدويةً نحن أهل القرآن ونحن جند القرآن وأبناؤنا قرابين للقرآن وكل أمنٍ هدرٌ إذا انتهكت له حرمة القرآن وكل دم هدر إذا انتهك به القرآن، وسحقاً سحقاً لمن سكت عن جرائم الأمريكان، وتباً لمن رام الإنصاف منهم بغير الرمح والسنان..