أصحاب الأخدود
ــــــ
قصة أهل الإيمان مع كل كافر عنيد :-
· عن صهيب رضى الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم
قال : كان ملك فيمن كان قبلكم , وكان له ساحر , فلما كبر قال للملك : أنى كبرت فأبعث إلي غلاما أعلمه السحر , فبعث له غلامايعلمه , وكان فى طريقه إذا سلك راهب , فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه , وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه ,فإذا أتى الساحر ضربه , فشكا ذلك إلى الراهب فقال له : إذا خشيت الساحر فقل :
حبسنى أهلي , وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر .
فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس
فقال : اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل ؟ فأخذ حجرا
فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فأقتل هذه الدابة حتى يمضى الناس , فرماها فقتلها ومضى الناس , فأتى الراهب فأخبره . فقال له الراهب : أى بنى أنت اليوم أفضل منى , قد بلغ من أمرك ما أرى , وأنك ستبتلى , فإن ابتليت فلا تدل على , وكان الغلام يبرىء الأكمة! والأبرص , ويداوى الناس من سائر الأدواء .
فسمع جليس للملك كان قد عمي , فأتاه بهدايا كثيرة فقال : ما ههنا لك أجمع إن أنت شفيتنى , فقال : إنى لا أشفى أحدا , إنما الله تعالى , فإن آمنت بالله تعالى دعوت الله فشفاك , فآمن بالله تعالى فشفاه الله تعالى , فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له
الملك : من رد عليك بصرك ؟ قال ربى . قال : ولك رب غيرى ؟
قال : ربى وربك الله , فأخذه فلم يزل يعزبه حتى دل على الغلام . فجىء بالغلام
فقال له الملك : أى بنى قد بلغ من سحرك ما تبرىء الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل
فقال : إنى لا أشفى أحدا , إنما يشفى الله تعالى , فلم يزل يعزبه حتى دل على الراهب , فجىء بالراهب فقيل له : ارجع عن دينك , فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار فى مفرق رأسه , فشقه حتى وقع شقاه , ثم جىء بجليس الملك فقيل له : ارجع عن دينك فأبى , فوضع المنشار فى مفرق رأسه , فشقه به حتى وقع شقاه , ثم جىء بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك فأبى , فدفعه إلى نفر من أصحابه
فقال : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فأصعدوا به الجبل , فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه , فذهبوا به فصعدوا به الجبل
فقال : اللهم اكفينهم بما شئت , فرجت بهم الجبل فسقطوا , وجاء يمشى إلى الملك ,
فقال :فقال له الملك : ما فعل بأصحابك ؟
فقال كفانيهم الله تعالى , فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به فاحملوه فى قرقور وتوسطوا به البحر , فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه , فذهبوا به
فقال اللهم اكفينهم بما شئت , فانكفأت بهم السفينة فغرقوا , وجاء يمشى إلى الملك
فقال له الملك : ما فعل بأصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله تعالى .
فقال للملك إنك لست بقاتلى حتى تفعل ما آمرك به .
قال ما هو ؟ قال : تجمع الناس فى صعيد واحد , وتصلبنى على جذع , ثم خذ سهما من كنانتى , ثم ضع السهم فى كبد القوس ثم قل بسم الله رب الغلام ثم أرمنى , فإنك إذا فعلت ذلك قتلتنى .
فجمع الناس فى صعيد واحد , وصلبه على جذع , ثم قال بسم الله رب الغلام , ثم رماه فوقع السهم فى صدغه , فوضع يده فى صدغه فمات .
فقال الناس : آمنا برب الغلام , فأتي الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذ ر قد والله نزل بك حذرك . من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها أو قيل له : أقتحم , ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبى لها , فتقاعست أن تقع فيها , فقال لها الغلام : يا أماه اصبرى فإنك على الحق (1) .!
ــــــــــــــــ