[center]
لا اله الا الله واستغفر الله لذنبي وللمؤمنين والمؤمنات
قال تعالى: ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) سورة آل عمران
قوله تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا اللّه فاستغفروا لذنوبهم} أي إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار.
قال الإمام أحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "إن رجلاً أذنب ذنباً فقال: رب إن أذنبت ذنباً فاغفره لي، فقال اللّه عزّ وجلّ: عبدي عمل ذنباً فعلم أن له ربا يغفر الذنب وياخذ به قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنباً آخر فقال: رب إني عملت ذنباً فاغفره، فقال تبارك وتعالى: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنباً آخر فقال: رب إني عملت ذنباً فاغفر لي، فقال عزَّ وجلَّ: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي،ثم عمل ذنباً آخر فقال: رب إني عملت ذنباً فاغفره فقال اللّه عزّ وجلّ عبدي علم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم أني قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء"
وعن علي رضي اللّه عنه قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى اللّه عليه وسلم حديثا نفعني اللّه بما شاء منه. وإذا حدثني عنه غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر رضي اللّه عنه حدثني، وصدق أبو بكر، أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال:"ما من رجل يذنب ذنباً فيتوضأ ويحسن الوضوء ثم يصلي ركعتين فيستغفر اللّه عزّ وجلّ إلا غفر له" (رواه أحمد وأهل السنن وابن حبان)
ومما يشهد لصحة هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ - الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء".
عن أنَس رضي اللّه عنه قال: بلغني أن إبليس حين نزلت هذه الآية: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا اللّه فاستغفروا لذنوبهم} بكى.
وعن أبي بكر رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار، فأكثروا منهما فإن إبليس قال: أهلكت الناس بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا اللّه والاستغفار، فلم رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، فهم يحسبون أنهم مهتدون" (رواه الحافظ أبو يعلى)
وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال:
"قال إبليس: يا رب وعزتك لا أزال أغوي بني آدم ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال اللّه تعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني"
وقوله تعالى: {ومن يغفر الذنوب إلا اللّه} أي لا يغفرها أحد سواه
وقوله: {ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} أي تابوا من ذنوبهم ورجعوا إلى اللّه عزّ وجلّ عن قريب، ولم يستمروا على المعصية ويصروا عليها غير مقلعين عنها ولو تكرر منهم الذنب تابوا منه، كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة" (أخرجه أبو داود والترمذي والبزار)
{وهم يعلمون} أن من تاب تاب اللّه عليه وهذا كقوله تعالى {ألم يعلموا أن اللّه هو يقبل التوبة عن عباده} وكقوله: {ومن يعلم سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد اللّه غفوراً رحيماً} ونظائر هذا كثيرة جداً
ثم قال تعالى بعد وصفهم بما وصفهم به: {أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم} أي جزاؤهم على هذه الصفات {مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار} أي من أنواع المشروبات، {خالدين فيها} أي ماكثين فيها، {ونعم أجر العاملين} يمدح تعالى الجنة.
من تفسير ابن كثير