علم المناعة

علـم المناعــــــة
Immunology
بقلم / د. قتيبه الراوي

المقدمة العلمية للجهاز المناعي (for immunity system introduction Scientific)

ربما يعتبر الجهاز المناعي واحدا من أهم الانظمة المركبة الذي يتميز بها جسم الانسان لما يعتمد عليه الجسم ليبقى سليما ومعافى ضد أي طارئ يلحق الأذى بالجسم . أن وظائف الاجهزة الجسمية الاخرى مثل الجهاز التنفسي والقلبي والهمضي والعضلي وغيرها معروفة منذ زمن طويل بعكس الجهاز المناعي الذي عرفت معلوماته منذ وقت قصير بعد أن عرفوا الباحثون والعلماء والاطباء التركيب الاساسي وعمل وظائف الجهاز المناعي, وأكبر تطور حصل ما بين عام ( 1975- 1985) وهو اكتشاف عملية الدمج بين الخلايا البائية السليمة (B cells ) والتي أخذت من فأر تم تحصينه مسبقا مع الخلايا البائية المصابة بالسرطان (Myelloma cells) داخل المختبر بأستعمال وسائط مغذية خاصة (Media ) والتي نجحوا في انتاج خلايا (hybridoma cells ) لغرض انتاج الأجسام المناعية وحيدة الأضداد (Monoclonal antibodies ) عام (1987) والتي أعتبرت طفرة نوعية كبيرة أخذت بتطور هائل في مجال علم المناعة (( Kohler & Milstein, 1975 .
فعلم المناعة هو أكثر حقل ديناميكي للدراسة لجسم الانسان ان نظام المناعة مكونا من الأوعية اللمفاوية وبعض الاعضاء مثل (الغدة الزعترية( أو ما تسمى (الغدة التوتية) والطحال واللوزتين والغدد اللمفاوية وخلايا الدم البيضاء ومكوناتها وخلايا خاصة متوفرة في عدة أنسجة وعوامل مصلية (الدكتور ضياء الدين الجماس الهيئة العربية لخدمات نقل الدم ).
وعلم المناعة هو العلم الذي يدرس كيفية وقاية الجسم من الأجسام الغريبة التي تدخل الجسم أو الكائنات الحية الدقيقة التي تغزوا أجسامنا وكذلك دراسة استجابة الجهاز المناعي ضد هذه الأجسام الغريبة .أو ممكن تعريفه هو العلم الذي يدرس فسلجة الجهاز المناعي , والأجسام التي تغزوا الجسم قد تشمل ( البكتريا , الفيروسات ,الفطريات , والكائنات ذات الخلية الواحدة (البروتوزوا) وكذلك الطفيليات التي تتكون من أكثر من خلية واحدة. وقد يعمل ضد الأعضاء والأنسجة التي يتم زراعتها في الجسم . كما أنه يدرس قدرة الجهاز المناعي وتعامله ضد الخلايا السرطانية , المواد الكيمياوية والسموم . كما يدرس كيفية تطوير هذا الجهاز لغرض الأستجابة السريعة والخاصة ضد أي سلوك خاطيء لأي نوع من بروتينات الجسم داخل خلايا الجسم والتي تسبب الأصابة بالسرطان بشكل تلقائي وهذا الأخير يسمى بمناعة السرطان. ان الوظيفة الرئيسية لجهازنا المناعي من اعضاء وخلايا ومنتجات الخلايا والجزيئات الناقلة والمصمم من شبكة سائلة للدفاع عن أجسامنا من مسببات الأمراض وكذلك للمساعدة في شفاء الجروح التي تحصل بسبب أضرار أو غزو جرثوميي ( 1995Dreher, ). ربما يعتبر الجهاز المناعي واحدا من اهم الانظمة المركبة الذي يتميز بها جسم الانسان, ولو قارنا عمل الجهاز المناعي مع عمل الاجهزة الجسمية الاخرى مثل الجهاز التنفسي والقلبي والهمضي والعضلي وغيرها والتي هي معروفة منذ زمن طويل بعكس الجهاز المناعي الذي تم معرفته منذ وقت قصير فان الباحثون والعلماء والاطباء عرفوا التركيب الاساسي وعمل وظائف الجهاز المناعي. وعلم المناعة هو أكثر حقل ديناميكي لدراسة جسم الانسان الذي يتكون من الأوعية اللمفاوية وبعض الاعضاء مثل الغدة الصعترية (الغدة التوتية ), والطحال واللوزتين والغدد اللمفاوية وخلايا الدم البيضاء ومكوناتها وخلايا خاصة متوفرة في عدة أنسجة وعوامل مصلية. والغدة الزعترية ( التوتية ) موجدة في أعلى الصدر خلف عظمة القص، وتمتد إلى أسفل العنق تحت الغدة الدرقية. وهي تساعد في تخصص بعض خلايا الدم البيضاء التي تسمى الكريات اللمفاوية، والتي لها قدرة الدفاع عن الجسم.
ان أول جهاز وخط مناعي طبيعي في الجسم هو الجلد الذي يمنع دخول الكائنات الصغيرة الغريبة الى داخل الجسم , وفي حال عجز أو حصول خرق لهذا الخط الدفاعي نتيجة تمزق أو جروح أو عن طريق الوخز أو اللسع والخ سوف يصبح الجسم عرضة للغزو من قبل هذه الكائنات والتي قد تكون امراضية (pathogenic) أو غير امراضية (non pathogenic). بعد هذا الحدث سوف يعمل خط الدفاع الثاني للجهاز المناعي الفطري أو الغريزي ( innate immunity), والتي تكون موجودة داخل الجسم وبشكل دائمي. في حال كون الجهاز المناعي يتمتع بظروف طبيعية وليس هناك أي خلل فيه سوف يقوم هذا الجهاز بالدفاع عن الجسم ضد الأجسام الغريبة التي دخلت الجسم وبشكل مستميت لحد أخر قدرة له ومن مكونات هذا الخط الدفاعي هي خلايا الماكروفيج البلعمية الضامة (macrophages) وخلايا النيتروفيل العَدِلَة (neutrophils) عن طريق التهام الأجسام الغريبة (engulf foreign organisms ) وقتلها بشكل مباشر وبدون أي تميز وبشكل فطري ولهذا سمي بالجهاز الفطري , أي أنها مجرد الأحساس بهذا الجسم الغريب تقوم بالتهامه دون معرفة تركيبة أو طبيعة هذه الأجسام الغريبة وبشكل طاريء وعاجل (emergent case ) , كذلك يدخل ضمن هذا الخط الدفاعي الأول ( خط الطواريء ) افرازات الجزيئات الذائبة كما في الدموع واللعاب (tears and saliva) وكذلك الأفرازات المخاطية على سطوح الخلايا الطلائية المبطنة في كثير من أعضاء الجسم كالفم والأنف والأمعاء والجهاز البولي والتناسلي والخ وعمل هذه الأفرازات هو حرمان الكائنات الحية الغريبة لللأستفادة من المواد الغذائية والعناصر المعدنية المفيدة التي تتغذى عليها هذه الكائنات مثل أملاح الحديد وجميع ما موجود على سطوح الأغشية الطلائية داخل الجسم وكذلك داخل مجرى الدم , هذا النوع من الجهاز المناعي أو الخط الأول يسمى بالجهاز المناعي الفطري الغير متخصص (innate or non-specific immune system), وهذا الخط الدفاعي يمتاز بقدرة محدوديته للدفاع عن الجسم, فقد يستطيع من اضعافه أو قتله , أو الحد منه أو اشغال الجسم الغريب لتقليل الأضرار للجسم وهو موجود في أي كائن حي اذا كان وضع الجسم بشكل طبيعي وصحي لحين تجهيز واستعداد خط الدفاعي الثاني والذي يسمى باالجهاز المتخصص والمتكيف (specific or adaptiveimmune system) . هذا الجهاز يستلم اشارة من قبل الجهاز المناعي بوجود جسم غريب بعد تحديد نوعه وامراضيته ليتم تحفيز الخلايا البائية اللمفاوية نوع (B cells) والتي تقوم بانتاج الأجسام المناعية (Antibodies) وبشكل خاص لكل نوع من أنواع الأجسام الغريبة التي تغزو الجسم وسوف نأتي في دروس قادمه لشرح كيف يتم انتاج الأجسام المناعية وما هي وظيفتها, مع شرح مفصل لهذا الجسم المناعي العجيب. أن عملية ايصال رساله للجهاز المناعي عن وجود أجسام غريبة داخل الجسم وترجمتها والرد عليها تحتاج الى عدة أيام ولهذا وجد الجهاز المناعي أو الخط ألأول لغرض الحد من أضرار الأجسام الغريبة التي تدخل الجسم.
ان لهذا الجهاز المناعي المتخصص القدرة على انتاج أجسام مناعية ذائبة تسبح في مجرى الدم تتكون من مادة بروتينية (soluble proteins that bind to foreign antigens) لها القدرة على الأرتباط بالأنتيجين الممنع الموجود داخل الأجسام الغريبة التي دخلت الجسم , كذلك هذا الخط من الجهاز المناعي له القدرة على انتاج خلايا وسيطة مناعية (immunity cell-mediated) لها القدرة على تميز الجسم الغريب الأمراضي وتشخيصه حيث تتجه نحوه وترتبط به لغرض تدميره, وكذلك فأن لهذه الخلايا الأستجابة والقدرة على تشخيص وتدمير الفيروسات الأمراضية وكذلك الخلايا المصابة بالسرطان وسوف نأتي على شرح هذه الخلايا في دروس قادمة انشاء الله .
كما أن الخط الدفاعي الثاني يحوي خلايا لمفاوية بائية وتائية الذاكرة (memory B and T cells) هذه الخلايا لها القدرة أو ذاكرة تتمكن من حفظ صورة جسم الكائن الحي الذي دخل الجسم لأول مرة وتستطيع معرفته عندما يدخل للمرة الثانية وتحديد هويته وهذا يساعد على الأستجابة السريعة لهذا الجهاز ضد هذا الجسم الغريب دون التـأخير مما يساعد في القضاء عليه بشكل أسرع من دخوله في المرة الأولى.
هناك تنسيق وتعاون عجيب للجهاز المناعي في الجسم بين خلايا المناعة نفسها وبين الأدوات الأخرى عن طريف ارسال رسائل واشارات كيمياوية ممكن ترجمتها وقرائتها وعلى ضوئها يتم ارسال ما يحتاجه الجسم للتخلص من الجسم الغريب وقد تكون هذه الأشارات أو الرسائل عبارة عن مواد بروتينية (lymphokines) والتي تنتج بواسطة خلايا لمفاوية ضمن الجهاز اللمفاوي, وقد تكون بشكل جزيئات بروتينية تفرز من قبل عدد من الخلايا المناعية تسمى (cytokines) أو بشكل مواد كيمياوية (chemokines) وهذه لها القابلية على تحفيز خلايا الجهاز المناعي لغرض القيام بأي مهمة يتطلبها الجسم عند التعرض لأي جسم غريب , وهي تعمل في الجهازين الفطري والمتخصص (innate and adaptive immune response ).
ونظرا للتقدم السريع منذ 25 سنة مضت تم اكتشاف طريقة عمل الجهاز المناعي وتم فهم عدد كبير من الجزيئات ضمن الجهاز المناعي والتي تلعب دور كبير في استعمالها كعلاج اضافة لىتطور الهندسة الوراثية والتحصينات , والمطلوب هو كيفية استعمال هذه الجزيئات والمستحدثات الوراثية كعلاج دون أن يحصل أي رد فعل أو تسمم ولهذا يتطلب المزيد من البحوث الكلينيكية للتوصل الى استعمال من غير أي ردود فعل أو حصول أي تسمم من قبل الجهاز المناعي قد يحصل (Smith, 2002).
ولغرض بقاء الجسم الحي سليم لا بد من أن تكون للجهاز المناعي خاصية استجابة خاصة وهي أن لا تكون استاجبته المناعية ضد الجسم بل تكون فقط ضد الأجسام الغريبة التي تدخل الجسم الحي وهذا يتم عن طريق اعادة تنظيم وترتيب الجينات المعنية بألأجسام المناعية (أميونوكلوبيولين) مع مستقبلات خلايا اللمفوسايت التائية (T-lymphocyte ) التي تعمل على تميز المستضد الأنتيجيني الغريب عن الجسم (antigen) عن طريق تحظيره بواسطة خلايا خاصة تسمى (Human Leukocyte Antigen, or HLA) مع جزء متخصص يتواجد في كل خلية من خلايا الجسم يسمى التوافق النسيجي المعقد ( histocompatibility complex. ( David , 1997).